سورة المدثر - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المدثر)


        


{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}، أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن؟ قال: {يا أيها المدثر} قلت: يقولون: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق- 1] فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك، فقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدثك إلا بما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت، فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا ونظرت أمامي فلم أر شيئًا ونظرت خلفي فلم أر شيئًا فرفعت رأسي فرأيت شيئًا فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا علي ماء باردًا قال فدثروني وصبوا علي ماء باردًا قال فنزلت: {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر}».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث، عن عقيل قال ابن شهاب: سمعت أبا سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي: «فبينا أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فخشيت حتى هويت على الأرض، فجئت أهلي فقلت: زملوني زملوني فزملوني فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر قم فأنذر} إلى قوله: {فاهجر} قال أبو سلمة: والرجز الأوثان، ثم حمي الوحي وتتابع».


قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} أي: أنذر كفار مكة. {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} عظمه عما يقوله عبدة الأوثان. {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قال قتادة ومجاهد: نفسك فطهر عن الذنب فكنى عن النفس بالثوب، وهو قول إبراهيم والضحاك والشعبي والزهري. وقال عكرمة: سئل ابن عباس عن قوله: {وثيابك فطهر} فقال: لا تلبسها على معصية ولا على غدر، ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر *** لبست ولا من غدرة أتقنع
والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء: إنه طاهر الثياب، وتقول لمن غدر: إنه لدنس الثياب. وقال أبي بن كعب: لا تلبسها على غدر ولا على ظلم ولا إثم، البسها وأنت بر جواد طاهر.
وروى أبو روق عن الضحاك معناه: وعملك فأصلح.
قال السدي: يقال للرجل إذا كان صالحًا: إنه لطاهر الثياب، وإذا كان فاجرًا إنه لخبيث الثياب.
وقال سعيد بن جبير: وقلبك ونيتك فطهر. وقال الحسن والقرظي: وخلقك فحسّنْ.
وقال ابن سيرين وابن زيد: أمر بتطهير الثياب من النجاسات التي لا تجوز الصلاة معها وذلك أن المشركين كانوا لا يتطهرون ولا يطهرون ثيابهم.
وقال طاووس: وثيابك فقصر لأن تقصير الثياب طهرة لها.


{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قرأ أبو جعفر وحفص عن عاصم ويعقوب: {والرجز} بضم الراء، وقرأ الآخرون بكسرها وهما لغتان ومعناهما واحد. قال مجاهد وعكرمة وقتادة والزهري وابن زيد وأبو سلمة: المراد بالرجز الأوثان، قال: فاهجرها ولا تقربها.
وقيل: الزاي فيه منقلبة عن السين والعرب تعاقب بين السين والزاي لقرب مخرجهما ودليل هذا التأويل قوله: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} [الحج- 30].
وروي عن ابن عباس أن معناه: اترك المآثم.
وقال أبو العالية والربيع: {الرُّجز} بضم الراء: الصنم، وبالكسر: النجاسة والمعصية.
وقال الضحاك: يعني الشرك. وقال الكلبي: يعني العذاب.
ومجاز الآية: اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال. {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي: لا تعطِ مالكَ مصانعةً لتُعطى أكثر منه، هذا قول أكثر المفسرين قال الضحاك ومجاهد: كان هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. قال الضحاك: هما رباءان حلال وحرام، فأما الحلال فالهدايا وأما الحرام فالربا. قال قتادة: لا تعط شيئًا طمعًا لمجازاة الدنيا يعني أعط لربك وأردْ به اللهَ. وقال الحسن: معناه لا تمنن على الله بعملك فتستكثره، قال الربيع: لا تكثرن عملك في عينك فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل. وروى خَصيف عن مجاهد: ولا تضعفْ أن تستكثر من الخير، من قولهم: حبل متين إذا كان ضعيفًا دليله: قراءة ابن مسعود: {ولا تمنن أن تستكثر} قال ابن زيد معناه: لا تمنن بالنبوة على الناس فتأخذ عليها أجرًا أو عرضًا من الدنيا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5